علاقة اللغة العربية بتقنية المعلومات:
تأتي تكنولوجيا (تقنية) المعلومات, لتجعل من اللغة سندريلا علم الكمبيوتر, كما يقول د. نبيل علي. فلم تعد اللغة مجرد أداة للاتصال, أو مجرد نسق رمزي ضمن أنساق رمزية أخرى, بل أصبحت أهم العلوم المغذية لتكنولوجيا المعلومات, ورابطة العقد – بلا منازع- بين جميع الأنساق الرمزية الأخرى, التي تسري في كيان هذا المجتمع. حيث لها الدور الأكبر في صياغة شكل المجتمع الإنساني. فأهل البنية يقولون: لغتي عالمي, وحدود لغتي هو حدود عالمي, فهي الذات وهي الهوية, وهي أداتنا لكي نضع الواقع الاجتماعي, ولكي نساهم في صنع الحضارة الإنسانية, فالحضارة لاتبنى من دون نهضة لغوية.
إذاً فقد جاءت تكنولوجيا المعلومات لتضع (اللغة العربية) على قمة الهرم المعرفي, فهي الركيزة الأساس للعملية التعليمية, التي بدورها نسق ثقافي, يعنى أول ما يعنى, بتأصيل الذات الثقافية للمجتمع, وذلك ضماناً لاستمرار وجوده, وتواصل أجياله, وحماية حقوقه, والذود عن قيمه, وحمل رسالته إلى الناس, والإسهام في صناعة مستقبل البشرية.
وهكذا أصبحت اللغة رابطة العقد للمنظومة الثقافية, والتربوية. لذلك باتت معالجة اللغة آلياً بواسطة الحاسوب هي محور تكنولوجيا المعلومات, ولاسيما أنها المنهل الطبيعي, الذي تستقي منه هذه التكنولوجيا أسس ذكائها الاصطناعي, والأفكار المحورية بلغات البرمجة.
في عصر المعلومات والمعرفة يزداد إسهام اللغة يوماً بعد يوم في تحديد الأداء الكلي, للمجتمع الحديث في الداخل (الإنتاج المعرفي, والإبداعي, وفي إنتاجيته الشاملة) وفي الخارج (تربط المجتمع بغيره وتحدّد مكانه ومكانته وثقله الاستراتيجي).(1)
فكيف نهييء لغتنا العربية لمطالب عصر المعلومات؟
وكيف نعيش الحياة في كيان هذه اللغة تنظيراً, وتعليماً, واستخداماً؟
بل كيف نخرجها من دائرة اهتمام المختصين فقط, إلى الدائرة الأوسع, والأشمل, وخاصة أن علم اللغة الحديث يستند إلى العلوم جميعها وأخيراً علم الحاسوب ونظم المعلومات!
وكيف نعنى بالمعالجة الآلية للغة العربية, ونعرِّب نظم التشغيل, ونصمم لغات برمجة عربية, للوصول إلى عصر الترجمة الآلية عن طريق اللغة العربية, للوصول إلى ما سبق لابد أن نعلّم صغارنا مبادئ البرمجة, وذلك نظراً إلى العلاقة الوثيقة بين البرمجة, والفكر من جانب, وبين الفكر واللغة من جانب آخر, وقد عرّبت لغات برمجة سهلة للصغار من مثل (لغة اللوغو ولغة البيسك).
ولابد من الاستمرار والاجتهاد في هذا المجال, وقد ظهرت جهود مثمرة في معالجة اللغة العربية آلياً, أفرزت تطبيقات من مثل: (الصرف الآلي, والإعراب الآلي, والتشكيل التلقائي, وبناء البيانات المعجمية).
وهذه البحوث قد أثمرت على يد د. نبيل علي وخلال ربع القرن الأخير.(2)
وهذا يدفعنا إلى خلق أساليب جديدة في استعمال اللغة, ما يستدعي تطوير نشاط حديث في العلوم الاقتصادية, سماه بعض الباحثين الصناعات اللغوية, أو تكنولوجيا اللغة, ونظراً لبروز مفاهيم, ومنتوجات حديثة كنتيجة للتطور التقني . فقد استوجب هذا الأمر وضع ملايين العبارات الجديدة للدلالة عليها, والذي من شأنه إثراء اللغة, وتسهيل مهمتها في التعامل مع المعاني والمفاهيم الجديدة.
لذلك تنبهت الدول المتطورة إلى أهمية الثورة المعلوماتية فأقامت مشروعات عملاقة لتخضع التكنولوجيا أو التقنية لخدمة لغاتها.
فانصب اهتمام الباحثين إلى توليد اللغة وفهمها وترجمتها آلياً, بينما اتجه آخرون إلى معالجة الوثائق, وتفسيرها عبر شبكات الحواسيب.
إذاً لابد من الاعتراف بحاجتنا الماسة والملحة لنهضة لغوية شاملة, قادرة على تلبية مطالب ومقتضيات العصر, وإلى تقنيين, وفنيين, ولغويين, وعلماء بشتى التخصّصات للوصول إلى صيغ, ومصطلحات, ومفردات عربية سليمة دقيقة, والعمل على تعريب الحاسوب, ورعاية عباقرتنا الشباب, الذين لديهم إمكانات مذهلة في فهم التقنية, التي بين أيدينا ولهم تجاريبهم المهمة في عوالمها.(3)
(1) د. علي، نبيل (دور اللغة العربية في عصر المعلومات والتكنولوجيا) - ص (171-180).
(2) د. مدكور، علي أحمد (التربية والثقافة التكنولوجية) دار الفكر العربي/مصر- القاهرة/ط1 2003-1423هـ الفصل الرابع - ص
(86-181-189-190).
(3) قمق, بريهان (اللغة العربية عبر الأنترنيت) ص (7-9).
http://www.abegs.org/Aportal/Article/showDetails?id=3154
فعلا نحن بحاجة ماسة لثورة لغوية نسمو بها مع لغتنا المعجزة
ردحذفونباهي بها العالم كله
كل الشكر أخي تركي
لابد من الاعتراف بحاجتنا للغتنا في هذه الثورة واستخدام اللغة العربية فيها لإثرائها وسهولة استخدامها في التقنية
ردحذفبارك الله فيك أخي تركي..