الأحد، 11 مايو 2014

اللغة العربية والتقنيات الحديثة

للغة العربية والتقنيات الحديثة

هل أسهمت وسائل التقنية الحديثة في تدني مستوى اللغة العربية لدى جيل الشباب العربي؟ المشكلات الناتجة عن استخدام الحواسيب والجوالات في كتابة الرسائل كثيرة، وستنعكس دون شك على المستوى المعرفي والعلمي والتربوي للأجيال القادمة.
تجد البعض من شبابنا لا يتقن كتابة رسالة يعبر فيها عن مشاعره أو عن موقف ما. إضافة إلى رداءة الخط والتعبير, فقد تجده ضعيفا جداً في الإملاء. وقد يعزى شيء من هذا الضعف الشديد في لغتنا العربية عند جيل الشباب إلى استخدام الحواسيب والجوالات في كتابة الرسائل.
نحن في عصر الموضات ولكل منتج موضة. حتى اللغة العربية لم تسلم من هذا الداء, فأصبح عندنا لغة عصرية سُميت - العرب إيزي- (Easy Arabic), وهي تنتشر بين الشباب في الغالب, فقد حولوا عددا من حروف اللغة العربية إلى رموز وأرقام لا يفهمها سواهم.
أصبح استخدام الرموز والأرقام في كتابة الرسائل القصيرة أو في المحادثة عن طريق الحواسيب – الشات - من قبل الشباب أمراً شائعا جدا في أوساط الشباب مؤكدين أنه يساعدهم على الكتابة بشكل أسرع ويقلل من الكلفة.
لم يعد استخدام الأرقام بدل الأحرف مقتصرا على الرسائل الخلوية, ورسائل البريد الإلكتروني, والشات, بل تعداه إلى الإعلانات التجارية في الصحف والمجلات خاصة تلك المتعلقة باحتياجات الشباب، كما وصلت إلى بعض أسماء البرامج التلفزيونية وفي بعض لافتات المحال.
ويقوم هؤلاء الشباب والشابات بتحويل بعض الحروف باللغة العربية إلى رموز وأرقام, فمثلا يتحول حرف الحاء في اللغة العربية إلى الرقم 7 وحرف العين إلى الرقم 3 والهمزة إلى الرقم 2 وتكتب الكلمات العربية بالأحرف الإنجليزية.
وفي حديث مع أحد المحترفين لهذه اللغة يقول "إنني أجد أن هذه الطريقة أسرع وتبقيني على تواصل مع أصدقائي برموز لا يفهمها غيرنا" مضيفا أنه ليس شرطا أن تكون هذه الرموز أسرارا لكنها تعطيه نوعا من الخصوصية.
ووفق تسعيرة إحدى شركات الاتصال الخلوية – العربية - فإن تكلفة الرسائل الإنجليزية تقل بكثير عن الرسائل العربية, إذا إن إرسال 160 حرفا باللغة الإنجليزية يعادل تكلفة إرسال 70 حرفا باللغة العربية.
وفي مقابلة أخرى مع إحدى الشابات ذكرت أنها تستخدم الرموز والأرقام في كتابة الرسالة القصيرة ليس لأنها طريقة سهلة، بل لأننا اعتدنا على استخدامها على الرغم من أنها تحتاج إلى معرفة رموز جديدة، كما أنها أصبحت لغة التخاطب ليس فقط عبر الرسائل القصيرة، بل في تبادل الملاحظات بين طالبات الصف أثناء الحصص المدرسية.
وهذه اللغة الشبابية المستحدثة لا تختصر الكلمات بالأحرف فقط، بل تختصر أيضا المشاعر من خلال التعبير بالرموز لتظهر النقطتان إلى جانب قوس متجه إلى اليمين للتعبير عن الابتسام مثلا وإلى جانب قوس متجه إلى اليسار للتعبير عن الحزن.
أجده لزاماً علينا توعية الشباب وتوجيههم التوجيه السليم للحافظ على اللغة العربية وفهمها والتحدث بها بطريقة صحيحة, بدلاً من لغة هجينة باتت تؤرق أولياء الأمور وعلماء اللغة وتحتاج إلى ضبط لغوي وسلوكي.
تنتشر هذه اللغة بكثرة في بعض المجتمعات العربية مثل الأردن, وقد حذر منها علماء اللغة والمسؤولون في تلك الدول. وذكروا أن لها آثارا سلبية جراء استخدامها على اللغتين العربية والإنجليزية, وصار دارجا ما يمكن تسميته بلغة - العرب إيزي - ما يشكل انتقاصا لمفردات اللغتين العربية والإنجليزية معاً.
ويدعو بعض المسؤولين في هذه الدول إلى المزيد من بذل الجهود لمواجهة الغزو الثقافي الذي بات يهدد لغتنا العربية الأصيلة وأسهم في تراجع اللغة على المستوى المحلي.
وقد أوصت ندوة عقدها مجمع اللغة العربية الأردني أخيرا بعنوان "اللغة العربية والتقنيات الحديثة". إلى الشروع في إعداد معجم آلي من أجل توحيد المصطلحات العلمية وتسهيل برامج الترجمة من اللغة العربية وإليها وتوسيع مجالات استخدامها في تقنيات المعلوماتية، إضافة إلى وضع معجم بالمصطلحات والمفردات والنصوص والرموز اللازمة لاستخدامها في مجال لغة التواصل والاتصال عبر الجوال والإنترنت لمعالجة هذا المد الجارف من الرموز والمصطلحات والنصوص الهجينة.
أكد الباحثون المشاركون في هذه الندوة إلى أن المشكلات الناتجة عن انتشار لغة الهاتف المحمول كثيرة، وستنعكس دون شك على المستوى المعرفي والعلمي والتربوي للأجيال القادمة، فضلا عن تأثيراتها السلبية على التعليم والثقافة وهو ما يدعو إلى دراسة الحلول الممكنة والبدائل المناسبة دون حرمان المجتمع من منجزات العصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق